عجبتني هالقصة لما فيها من شعر شعبي احببت انقلها الكم
مع تحياتي
يـــابـو نخيـله اعلى المـتـن......
فـي " الشـاكرية" كان والدي – رحمه الله- يقيم مجلس القـهـوة العربية
مرتين في الأسبوع لكبار رجالات الحي، وكــــان يلزمني بالجلوس الى قربه وهـو يحمـّس حـب القهوة على النار، ثم يقوم بسحنها على الهـاون البرونزي الكبير، وفق نغـمة خاصـة يعرفها الجميع ، ويعلموا أن"مجلس القهـوة" عندنا في هـذا اليـوم.
كنت غـضّ العـود لكني كنــت أرقـــب كل حركات أبي وهمهماتـه وأريحتـــه ودندناته، أثناء عملية اعـداد القـهـوة، وكثير الأسئلة عــن تلك العملية الجميلة . وكان يوقفني على كل خـــطوة منها، وحين الأنتهـاء من عملية اعــداد القـهــوة .
كان أبي يـذكـّرني بضرورة الأصغاء على كل ما يقال في المجلس،لآنـه سـوف يسـألني عن كل " حديث" سمعته وأعجبني ، وكيفية فهمي لـــه وشكل التعاطي معـه، وأستمـر الحـال على ذلك سنوات عـديدة ، الى أن وافـاه الأجـل وذهب الى دار حقــّه.كان ذلك في بداية عام 1965 م بعدأن انتقلنا الى مدينة الثورة .
في احـدى المـرات ، تطـرّق السـامرون في الحديث الى" حـكاية حسـين بن سـيّد حصـموت" وعشقه لفـتاة يهـودية ، كان أهـلهــا يسكنون في ناحيـــة المجر الكبير،والفتى كـان "بــزّازا"في سوق القماش ، ضمن السوق الكبيرأو مايعرف بــ"سـوگ المجر".الحدث- كما يقول والدي قبل دخـول الأنگليزالى العراق بمـيـّة سنة"!!
تبدأ الحكاية على النحو التالي، وأبي هو المتحدّث فقال:"سـولف النا جـدي"فقال:كان في " صدور المجــر، عائلة السيد حصمــوت، وهــو سـيّد ايشـوّر ومايعرف الجذب بحياته، والرجل كان يخــاف الله، وصاحب أملاك وبساتين،ثم يردف ويقول: " يامحفوظ السـلامة والبگا، يــوم من الأيـام، رجع حسين من شغله مهموم، ونشده أبـوه: هـا بوية شبيك!!؟ اشمالك مخطوف لـونك !
فرد عليه حسين، بأنه تعبان من الشغل ، وتعشـى ولف راسـه ونـام".تكررت الحالة عند حسين، وأبوه ما مرتاح لوضـعه، في اليوم التـــالي ذهــب سيد حصموت للسـوگ،واستفسر من الـوادم،عن حالة ابنه ، فجاوبوه الناس بأن السيد حسين" خوش ولد ومؤدّب، وما عنده غـاثه على أحـد، بس نوبات يعـزّل دكانه من وكت، ومدري وين يروح !! فلعـب الشيطـــان بـــــراس الأب وكلما عاد حسين الى البيت يلف راسه وينام، وحتى ما يرد على امـّه، وبدت حالته ماتسـر الصـديج،وابوه ايشوف ابنه يـذبل كل يوم، الى أن طـاح حسين بالفراش،وبعـد مابيه ايگــوم،ولا بيه يروح للشغل، فگعـــد أبـوه عـد راسه ونشـده: بعـد ابوك ،سايم عليك جـدّك رسول الله تحجيلي الصـدگ، وآنا أبوك خليني أعــرف اشبيك، لأني ما نــّـام الليل وانشـد امـّك، بــس نحجي بحالتــك، يابويه اشـبيك !؟؟ فقال حسـين: بـويه أنت ابوي وحلفتني برسول الله، السـالفـة ومابيهــا، آنا هـويت بت من السـلف الفلاني" فلانـــه بت فـلان- اليهـودي" واعرف احنا سادة، وآني محتار يابويه، خاف أحجي وانفضح وأنت تلومني والوادم تاخذ غيبتنا، شـلون سيـّد وشلون يعشگ وهــو ابن رسول الله، وجـمالة عــاشگ وحده من بنـات اليهـود !! وهذا الكاتلني يابوية، والنار البيـّه موجر جانونها
وأنت بوي وورجك على البيـّه، وظلت يم الله ويـمـّك، يو تجيبها الي يــو هـذاحـدّي ويـا الدنيـا".أراقب أبي ، وأنا مشـدود الى حديثه، وكذلك بقية السـامر وألمس حزن قــد طغى على نبرة صوته ، ودمعة أخذت موضعها في مــوق العين، توقـّف عن الحديث،، وأشار على أخي حسن، بأن يسـقي الضيـوف القهـوة، فيمـا كـــان مغامس بن شبلي- رحمه الله- يلح على أبي بالأسترسال لتكملة الحديث قائلا:" ثـواب لبـوك كـمـّل السـالفـة، ترى گلوبنا تگـطـعّت،فقال أبي:غالي وطــلب رخيص أبو حميد، ويسـتأنف حديثه بالقول: ثاني يوم من الصبح حشـّم سيـّد حصموت الـوادم بالسلف، أوّوده طروش على أهل البـت اليهــودية، أوّوكــت الغروب وسيروا عليهم، والـوادم ما گصـّروا، گامو بالواجب، وذبحوا خرفان، لأن سمعة السـيّـد معروفة حتى باطراف الهـور،وأثناء ماجابـوا الـزاد وگـــف سـيد حصموت, وما مـد ايـده للـزاد، والناس كلها وگفت ويــاه، وما ضـاگـــوا الـزاد وصارت صكلكله عد بيت اليهـودي، فقال للسيد حصموت:خيرانشاء الله مولانا!! فقال سيد حصموت:ما نضوگ الزاد الاّ تلبي طلبنا الجايين من أجـله!
فقال اليهـودي: طيب مولانا گول شنهي طلبك!!فقال سيد حصموت:عـمي احنا جايين خطـّابة لبنتك فلانه لأبني حسين!! فقال اليهــودي:سيـّد حصمــوت أنت زلمـه تعرف الأصول وأنت ابن رسول الله، واحـنا نـاس تعــرف ديـنـّــا ايحـرّم الزواج منكم، ولا دينكم يقبل بالزواج من عدنا، والعـارف ما يتعرف!!
قال أبي: فبكى سيد حصموت ، وگال: بخـت جــدّي يعـثرك ، يعـمّي ابني يريد بتـّك والولد طريح الفراش واذا تريد مال هاي عـدي سبـع بساتين مـال نخيـل أخذهن كلهن مهر لبنتك ، لأني اذا ارجع للبيت وگل لابني ما رضـوا أهل البت الولد- جفيلك الله يموت- وخطيته برگبتـك، وضلت انت وبخـتك !!ونهض من مجـانه ونهضت الناس وياه، ورجعوا ايـد ورا وأيـد ليجـدام" ثـم يضيف أبي: " گول يمحفوظ السلامة . وصل سيد حصموت البيت ومرته عرفت من عيونه أن اليهودي ما وافــق على تزويج البت لابنها، فثـغبت وشگـت زيجها وگالت: راح الولد، يمّـه شلون بيـّه!! يتوقف أبي قليلا ثم يقول:سـيـّد حصمــوت طــب على ابنه بفراشه وگد عـد راسـه، حبـّه بگصته وگال:
يـابـو نخـيله اعــلى المـتن لامـتنا
جــيـــرانـّا وكــل العــرب لامــتـنا
شـنــاخـذ ويـانـا للگبــر لو متــنا
خامه وطريجه وصم گصب للمحدر
* * *
عــالميمـر وعــالميـمر وعــالميمر
غــثــّيتـــني يـوم التروح وتــفـتـــر
* * *
قـال أبي :حسين تيقـّن أنـّه ما راح ينول مراده، فگال لأمـّه: تجـّـيني يـمـّه ، أريـد أجــاوب أبــوي، ترى هاي آخر ليلة وياكم، فثغبت امـّه، وقــال لأبيه:
يابو نخيـله اعلى المتـن شـامـه الهـا
ولعــبت بـراسي لعـــبـة الشامـلهـــــا
حصـموت بـويه جي شفت شامه الها
حـدر الجفن بيــه ثـلث اصابع وأكـــثر
* * *
يـابو انخيله اعلى المتــــن ولهــانــه
اهـلال شـافـوه العــجـم ولهـــــــانـــه
ليش اتحــوي بس للكـزر والهــانـــه
سـيـّـد صحيح ولا تصـير امـعـثـّـــــــر
* * *
يابو انخيله اعلى المتن موش الـنـه
وهـذا التريـــده يـاولـــد موش الـنــه
اللـّـبن صافي ولا تضـنـّـا انــشـــــنـّه
وكــلمــن أصـيل بفعلــــته يتجــــــذّر
* * *
يا بو انخيله اعــلى المتـن لاويـتـــه
وجلدي اعلى عظمي يـاخـلگ لاويـته
عـمدا زلــفـهـا للغـــوى لاويتـــــــــــه
جالريش بـرهـــــان بـنـدا ومسـطــّــــر
قـال أبي :وهـو يبالغ بالحديث، وفق سياقات الرواية التي ينقلها بالمشافهـةأن الحــوارية بين الأب والأبن دامت حتى الساعات الأولى من الفجـر ، وهـم على هـذا المنـوال بين ردّ وجـواب وقد وصلت الأبيات الشعرية حوالي 180 بيتا، حتى وآفى الأجـل حسـين فبكى سيـّد حصموت وقال:
يـابو انخـيله اعلى المتـن من ديــره
والــولــم لعــظــام غـيـــرك ديـــــــره
يـل ما حفـظـتي حسـين غـمـّج ديــره
عـمين شـطوطـج والنـخـــل ما خضّر
* * *
يضيف أبي، أن الدعـاء- الوارد في البيت الأخير، أن القدر استجاب الى هـــذه الدعوة وفي اليوم التالي شاهد الناس أن كل البساتين قــد يبست، ولم تحــمل ثـمـارا في تلك السنة،
والسيد حصموت لم يبغى على قيد الحياه لقد وافاه الاجل وسلم نفسه الى الباري عز وجل
اتمنى ان تنال اعجابكم
ولكم خالص حبي وتقديري